إثبات سماع الأموات ونفعهم بالأدلة من الكتاب والسنة وأقوال الأئمة

بواسطة السيد بكري الميرغني · 9 أغسطس 2025

بسم الله الرحمن الرحيم به الاعانة بداً و ختما و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و على آله و صحبه

عقيدة سلفية أليوم اشبه بعقيدة حديثي الإسلام في عهد رسول الله صلى عليه وسلم، قبل الاسلام في الجاهلية كانوا يقلون هل يسمع الميت بعد ان سار جيفة؟

و اليوم بعد مرور خمسة عشرة قرناً نفس العقيدة عند البعض يزعمون ان الميت لا يسمع و لا ينفع و و و ؟

و يستدلون بالحديث الصحيح : عن ابى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إذا مات إبن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية، او عِلم ينتفع به، او ولد صالح يدعو له "رواه مسلم

قلت: المراد من الحديث الشريف الصحيح ان العمل الذي كان مكلفاً به ابن آدم في الدنيا انقطع،قال تعالى: "كل نفسٍ بما كسبت رهينة"

اي كل نفس مأمورة منهية بما عملت من معصية الله في الدنيا، رهينة في جهنم " إلا أصحاب اليمين "، فإنهم غير مرتهنين، و لكنهم " في جنات يتساءلون عن المجرمين ". و ان كان محسناً يزد الله تعالى من فضله و إحسانه بالصدقة الجارية و بدعاء ولده و بالعلم النافع الذي تركه و ان كان مسيئاً فيتجاوز عنه بدعاء ولده له، و لا علاقة له ان كان يعلم او يسمع او ينفع كما يزعم المخالف.

و الديل من الأحاديث الصحيحة التي استدلّ بها أشياخهم و من كتبهم مثل ابن تيمية و ابن القيم الجوزية و ابن عَبْد الوهاب و ناصر الالباني.

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " يا أهل القليب، ياعتبة بن ربيعة و يا شيبة بن ربيعة و يا أمية بن خلف و يا ابا جهل بن هشام ، فعدد من كان منهم في القليب- هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً، فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا".

فقال المسلمون و في روى قال عمر رضى الله عنه : يا رسول الله ﷺ أتنادى قوما قد جيفوا؟ فقال:" ما انتم بأسمع لما أقول منهم، و لكنهم لا يستطيعون ان يجيبوا".

رواه الامام احمد عن ابن أبى عدى، عن حميد عن أنس، فذكر نحوه .

و استدلّ به ابن تيمية في كتابه مجموع الفتاوى ٢٤/ ٢٩٧، و ٣٦٣ و ابن القيم الجوزية في كتابه الروح - ص ٥ .اهـ

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه: "حياتي خَيْرٌ لكم تحدثون و يحدث لكم، و وفاتي خَيْرٌ لكم تعرض علىَّ اعمالكم فما رأيت من خير حمدت الله عليه و ما رأيت من شر استغفرت لكم".

هذا الحديث صححه الحافظ العراقي قال : إسناده جيد في طرح التثريب ٣/ ٢٩٧ و قال الهيثمي في مجمع الزوائد ٩/ ٢٤ قال: رواه البزار و رجاله رجال الصحيح و قال الحافظ السيوطي في الخصائص الكبرى ٢/ ٢٨١ اخرجه البزار بسند صحيح من حديث ابن مسعود، و غيرهم .

و ضعفه الالبناني .

و القاعدة تقول: الحافظ حجة على من لا يحفظ، و الالباني ليس بحافظ و لا محدث. اهـ

قال ابن عبد البر ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال: " ما من رجلٍ يمرُّ بقبر أخيه كان يعرفه في الدنيا، فسلم عليه إلا ردَّ الله عليه روحَه حتى يردَّ السلام".

و ذكره ابن تيمية في مجموع الفتاوى ٢٤/ ٣٣١ و قال: صححه عبد الحق صاحب الأحكام.

و في مسند الامام احمد من حديث أنس مرفوعاً. إن اعمالكم تعرض على أقاربكم و عشائركم من الأموات فإن كان خيراً استبشروا به، و إن كان غير ذلك قالوا: اللهم لا تمتهم حتى تهديهم كما هديتنا.

رواه البخاري في الكبير باب الكنى ٩/ ٨ و الامام احمد في مسنده ٢٥/ ١١٤ و الطبري في تهذيب الآثار و تفضيل الثابت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ٢/ ٥١٠ و الطبراني في مسند الشامين ٢/ ٣٨٢ و الطبراني في المعجم الأوسط ١/ ٥٣ و الطيالسي في مسنده ٣/ ٣٤٠ عن جابر بن عبد الله رضى الله عنه و البيهقي في شعب الإيمان ١٢/ ٤٧١ و ابو داود السجستاني في الزهد من خبر ابى الدرداء ١/ ١٩٨ و الدولابي في الكنى و الاسماء ١/ ٢٩٨ و استدلّ به ابن تيمية في مجموع الفتاوى ٢٤/ ٣٣١ و ابن القيم الجوزية في كتابه الروح ص- ٤٥ و غيرهم.

و في كتاب السلسلة الصحيحة حديث

2758: ( إذا قبضت نفس العبد تلقاه أهل الرحمة من عباد الله كما يلتقون البشير في الدنيا فيقبلون عليه ليسألوه: ما فعل فلان؟ ما فعلت فلانة ؟ هل تزوجت؟ فإذا سألوا عن الرجل قد مات قبله قال لهم : انه قد هلك فيقولون : أنا لله و أنا اليه راجعون ذهب به إلى أمه الهاوية فبئست الأم و بئست المربية. قال: فيعرض عليهم أعمالهم فإذا رأوا حسناً فرحوا و استبشروا و قالوا: هذه نعمتك على عبدك فأتمها ، وان رأوا سؤاً قالوا : اللهم راجع بعبدك.

الالباني في تعليقه قال: كنت خرجتها في " الضعيفة ( ٨٦٤) و لم أكن قد وقفت على الطريق الذي هناك (٨٦٣) من حديث أنس رضى الله عنه ينقل إلى هنا، لأن معناه في عرض الأعمال على الأموات في آخر حديث الترجمة. والله أعلم ، ثم : قال: اخرجه ابو داود و الترمذي و كذا البخاري في الأدب المرد من حديث جابر و احمد من حديث عائشة و أحدهما يقوي الآخر،

و سرد كلاماً طويلاً . قلت؛ ما يهمنا هو ان الحديث صحيح. وعلى كل مُنصف يتقي الله تعالى ان يحكم كيف تعرض أعمال العباد على عامة الناس و على رسل الله صلى الله عليه و سلم الحديث ضعيف؟! وهذا الحديث ذكرهُ ابن القيم الجوزية في كتابه الروح و استدل به علىٰ ان الميت تعرض عليه أعمال أهله و كذلك ابن تيمية في كتابه مجموع الفتاوى ٢٤/ ٣٠٣ و في مواضع اخرى من كتبه.اهـ

قال ابن عبد الوهاب في كتابه احكام تمني الموت ص ١٧

و اخرج ابو نعيم و غيره عن ابى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " ادفنوا موتاكم وسط قوم صالحين قإن الميت يتأذى بجار السؤ، كما يتأذى الحي بجار السؤ.

اخرجه الطبراني عن ابى الدرداء و روى معناه من حديث علي و ابن عباس اهـ.

قلت: و من حديث أم سلمة اخرجه ابو القاسم بن منده في كتاب الأهوال و الإيمان بالسؤال، ومن حديث ابن مسعود اخرجه ابن عساكر في تاريخه و قواه العلامة السخاوي في المقاصد الحسنة "بأن عمل السلف و الخلف لم يزل على ذلك" و حديث سيدنا علي بن ابى طالب رضى الله عنه اخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق و عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطة بلفظ " أن ندفن موتانا و سط قوم صالحين و قال ان الموتى يتأذون بجيران السؤ كما يتأذى الأحياء. و قال المناوي له شاهدا صحيحاً في الأدب الفرد للبخاري.

و غيرهم. اهـ

قلت: ان الميت ينفع جاره الميت ألم تقولوا انه لا ينفع ! ها هو شيخكم يوصيك ان تدفنوا امواتكم جوار الصالحين و لن تجدوا، إلا مجاورة قبور الصوفية رضى الله عنهم . و يستدل بالحديث الصحيح عنده، يعني "ابن عبد الوهاب" و إلا لما نقله في كتابه و لم يعلق عليه، سكت عنه. صحيح ليس كل سكوت يدل على الرضا و لكن في المسائل التي تتعلق بالإيمان و الشرك لا تترك الا بالبت فيها، و المسؤلية تقع على ناقل الأثر ، إلا إذا قلتم ان شيخكم ينقل الشرك في كتبه، و لا تجرؤون .

ابن تيمية في عدّت مواضع من كتبه قال ان الميت يسمع و يرى و تعرض عليه أعمال أهله . قال: هذا التلقين المذكور قد نقل من طائفة من الصحابة انهم امروا به، كأبى أمامة الباهلي و غيره فلهذا قال الامام احمد و غيره من العماء : ان هذا التلقين لا بأس به، فرخصوا فيه، و لم يأمروا به و استحبّه طائفة من اصحاب الشافعي و احمد و كرهه من العلماء من اصحاب مالك و غيرهم. و الذي في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم : و ثبت في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه و سلم قال: " انه ليسمع قرع نعالهم، و قال:" ما انتم بأسمع لما أقول منهم. وقال : واستفاضت الآثار بمعرفة الميت بأحوال أهله وأصحابه في الدنيا، وأن ذلك يعرض عليه، وجاءت الآثار بأنه يرى أيضًا، وبأنه يدري بما فعل عنده، ويسر بما كان حسنًا، ويتألم بما كان قبيحًا، وكان أبو الدرداء يقول: اللهم إني أعوذ بك أن أعمل عملًا أُجزَى به عند عبد الرحمن بن رواحة. كانوا يقولون ذلك بعد ان استشهد عبد الله. اهـ

و عن عائشة رضى الله عنها قالت: كنت ادخلت بيتي الذي فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم و أبي فأضع ثوبي وأقول: إنما هو زوجي و أبي فلما دفن عمر معهم فوالله ما دخلت إلا وانا مشدودة على ثيابي حياء من عمر رضى الله عنه . رواه الامام احمد و رجاله رجال الصحيح. اهـ

قلت : ان كان الميت لا يرى و لا يسمع و لا ينفع كما يزعم البعض ما الذي جعل السيدة عائشة رضى الله عنها تدخل و هي مشدوده على ثيابها ؟

و قال ابن القيم الجوزية في كتابه الروح : و يكفي في هذا تسمية المُسلِّم عليهم "زائر" و لولا انهم يشعرون به لما صحَّ تسميته زائراً فان المزور ان لم يعلم بزيارة من زاره لم يصح ان يقال:" زاره"، هذا هو المعقول من الزيارة عند جميع الأمم، و كذلك السلام عليهم ايضاً فإن السلام على من لا يشعر و لا يعلم بالمسلم محالٌ، و قد علم النبي صلى الله عليه و سلم أمته إذا زاروا القبور ان يقولوا " السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين و المسلمين و أنا ان شاء الله بكم لاحقون يرحم الله المستقدمين منا و منكم و المستأخرين، نسأل الله لنا و لكم العافية". فهذا السلام و الخطاب النداء لموجود يسمع و يخاطب و يعقل و يرد، و ان لم يسمع المُسلّم الردَّ.

و ان هذه الرويات و الآثار على كثرتها و انها لا يحصيها إلا الله و قد تواطأت على هذا المعنى، فإذا تواطأت رؤ المؤمنين على شئ كان كتواطؤ رواتهم له.

في كتاب الروح لابن القيم الجوزية. اهـ

رد الالباني على رجل كلّفه أمانة ان يسلم على رسول الله صلى الله عليه و سلم و استدلّ بآية من القرآن الكريم مخالفاً في تأويله للآية صحابة رسول الله صلى عليه و سلم و التابعيين و تابعيهم و كل المفسرين، بل خالف الأحاديث التي صححها ، هذا تناقد منه عجيب و مريب.

الاية التي استدل بها: قال تعالى ( و ما انت بمسمع من في القبور) الآية.

كلام الالباني: وإذا كان الرسول لا يسمع سلام المسلمين عليه إلا بواسطة الملائكة الموكلين بتبليغه السلام فكيف يظن كثير من الناس اليوم أنه بيسمع سلام المسلمين في الشرق والغرب والشمال والجنوب ومرة جرت نكتة بين أحد الموظفين الكبار في دمشق لما عزمت على السفر إلى السعودية مر الجواز إنو أنا رايح على المدينة قال لي الموظف أنا مكلفك أمانة بس توصل هنيك تبلغ سلامي للرسول قلت له بقى محاضرة خلاصتها أنه أنا إنسان قد لا أسافر قد أسافر قد أنسى شو رأيك هلا تري فيكس ... يعني فورا بريدا سريع جدا صل عليه هلا بيوصلو وذكرت له الحديث ( إن الله ملائكة سياحين يبلغون عن أمتي السلام ) ما لك بحاجة لواسطتي ). كلام الالباني بحروفه اهـ.

قلت : لا حول ولا قوة إلا بالله ما أجرأك على الله تعالى

اولا اقتطاع الآية ثم اولها حسب هواه!

الآية الكريمة تخبر عن القلب الميت تشبيه او مَثَل.

و الديل:- تفسير الطبري

‎وقوله ( إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ ) يقول تعالى ذكره: كما لا يقدر أن يسمع من في القبور كتاب الله فيهديهم به إلى سبيل الرشاد، فكذلك لا يقدر أن ينفع بمواعظ الله وبيان حججه من كان ميت القلب من أحياء عباده، عن معرفة الله، وفهم كتابه وتنـزيله، وواضح حججه.

تفسير ابن كثير

‎يقول تعالى : كما لا تستوي هذه الأشياء المتباينة المختلفة ، كالأعمى والبصير لا يستويان ، بل بينهما فرق وبون كثير ، وكما لا تستوي الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور ، كذلك لا تستوي الأحياء ولا الأموات ، وهذا مثل ضربه الله للمؤمنين وهم الأحياء ، وللكافرين وهم الأموات ، كقوله تعالى : ( أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها ) [ الأنعام : ١٢٢

‎ ، وقال تعالى : ( مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا )اهـ.

و تفسير ابن القيم الجوزية للآية: و اما قوله تعالى:( وما انت بمسمع من في القبور ) فسياق الآية يدل على ان المراد منها ان الكافر الميت القلب لا تقدر على اسماعه إسماعاً ينتفع به، كما ان من في القبور لا تقدر على أسماعهم اسماعا ينتفعون به و لم يُرد سبحانه ان اصحاب القبور لا يسمعون شيئاً البتة كيف و قد اخبر النبي صلى الله عليه و سلم انهم يسمعون خفق نعال المشيعين.اهـ

و الحيث الصحيح

وقد ذكر ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم أن الشهداء بل كل المؤمنين إذا زارهم المسلم وسلم عليهم عرفوا به وردوا عليه السلام وصح أنه صلى الله عليه وسلم كان يخرج إلى البقيع ويسلم عليهم ويقول: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين" وورد النص في كتاب الله تعالى في حق الشهداء أنهم أحياء يرزقون وأن الحياة فيهم متعلقة بالجسد كما روي أنه لما حفر السيل في أُحد في قبر عبد الله بن حرام والد جابر وعمرو بن الجموح وهما من شهداء أحدٍ بعد ست وأربعين سنة فوجدا لم يتغيرا وكان أحدهما جرح فوضع يده على جرحه فدفن وهو كذلك فأمسكت يده على جرحه ثم أرسلت فرجعت كما كانت، ولما حفر معاوية العين التي استنبطها بالمدينة بعد أحد بنحو خمسين سنة، ونقل الموتى أصابت المسحاة قدم حمزة رضي الله عنه فسال الدم عنه، والظاهر أن حياة الشهداء أقوى من حياة الأولياء.

وجمهور العلماء أن حياة الشهداء حقيقية للجسد، وفي قول بعض أنها للروح فقط، وفي قول أنها للجسد فقط بمعنى أنه لا يبلى ويستمر فيه أمارة الحياة من الدوام وطراوة البدن، وإذا كان هذا في آحاد المسلمين فكيف بالنبيين والمرسلين؟ وكيف سيد المرسلين - صلى الله عليه وعليهم أجمعين، وقد صح في الحديث كما رواه الحافظ المنذري: "الأنبياء احياء في قبورهم يصلونً صلوات الله عليهم .اهـ

قلت: كل هذه الروايات الصحيحة تعضد بعضها بعض و يكفي ما قدمناه من ادلة من كتب مشائخهم و غيرها فهذا كافٍ لمن كان له قلب او ألقى السمع و هو شهيد.

اللهم أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه امين

اللهم صلي و سلم و برك على سيدنا محمد و على آله و صحبه بقدر عظمة ذاتك يا احد